الاثنين، 25 يوليو 2011

تحذير : النســــاء قادمات !


ما تشهده الساحة السعودية مؤخراً ، من حراكٍ نسائي مكثف على الساحتين السياسية والاجتماعية
يـُعدُّ مؤشراً قوياً على أنّ المرأة السعودية في طريقها لانتزاع بعض حقوقها ، بعد عقود طويلة من النسيان والتجاهل
فما يحدث اليوم من تكثيف ظهورها الإعلامي عبر وسائله المختلفة ، لهو دليل على أن المرأة السعودية لم تعد تلك المرأة السلبية ، التي تنتظر أن يجود عليها الرجل ببعض حقوقها حتى وإن شابها النقص !
بالأمس شاهدنا من تتحدى الجميع وتقود سيارتها ، بل وتدافع عن ذلك الحق بكل ضراوة ، وجنّدت من أجل ذلك جميع المؤيدين لمطالبها من داخل المملكة وخارجها عبر وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية
وقبلها شاهدنا من يطالبن بحقهنّ في التصويت للانتخابات البلدية ، بل وزاد سقف مطالبهنّ لينادين بحق الترشّح لعضوية تلك المجالس !
ورفعن الدعوة تلو الأخرى لديوان المظالم للمطالبة بهذا الحق
واصلن المطالب ولم ييئسن ورفعن الصوت عالياً من أجل المطالبة بسنّ قانون للزواج يمنع تزويج القاصرات
تفاعلت مع هذه المطالبة كافة أطياف المجتمع ، ليصبح في فترة وجيزة قضية رأي عام ، لم تغفلها السلطات بل تجاوب معها مجلس الشورى على الفور ، ليطلب من وزير العدل وضع ضوابط لذلك ، ثم يأتي رد وزير العدل سريعاً ويعلن عن قرب صدور تنظيم لزواج القاصرات
طالبن بحقهن في بيع مستلزماتهن الشخصية ومع الرفض الكبير الذي جوبهن به على الدوام ، تواصلت تلك المطالب بالرغم مما صادفها من عقبات ، ليتحقق لهنّ الحـــلم أخيراً ، بعد صدور الأمر الملكي بتأنيث محال بيع المستلزمات النسائية ، لتخرس مع هذا القرار جميع الأصوات التي كانت تتحدث عن إنكار ذلك !
وما حدث منذ أيام في جامعة أم القرى من تجمعات كثيفة للطالبات المطالبات بحقهنّ في التسجيل ، بعد أن قـُـهرن وهنّ يرين الواسطات تتلاعب بذلك الحق ، لهو دليل على أنّ شقائق الرجال لم يعدن يخشين ما يخشاه الرجال في المطالبة بالحقوق !
سيكتب لهنّ التاريخ فصولاً من الشجاعة عندما توجهن بالعشرات لوزارة الداخلية للمطالبة بالإفراج عن السجناء الذين لم تتم محاكمتهم حتى الآن
وسيحتفظ وزير الخدمة المدنية ولا شك بتلك الصورة المعبّرة التي حملتها إحدى المعلمات أمام وزارته ، للمطالبة بحقها في التثبيت
وإزاء كل ذلك
فجميع المؤشرات تقول أنّ المرأة السعودية قادمة وبقوة ، وهي من ستقود التغيير في حال واصل أخيها الرجل صمته المخجل ، واكتفى بالجلوس على مقاعد المتفرجين
في مســـرحٍ كبير أبطاله هم سبب أوجاعه
وعلى قدر آلامه لا يملك سوى التصفيق في نهاية كل مشهد !

السبت، 23 يوليو 2011

الإسكان .. مـرّة أُخـــرى !



في دولة مساحتها الإجمالية تربو على مليونين وربع المليون كيلو متر مربع ، لم يعد مقبولاً أن نتحدث عن أزمة في الإسكان ، وشح في الأراضي
أو حتى الحديث عن الأسعار الخيالية لقطع الأراضي غير المكتملة الخدمات ، بخلاف الأراضي البيضاء
والسوداء
بل وحتى الوردية بلون الحياة الوردية التي ينعم بها سارقيها !
أصبحنا نعيش في سجن كبير محاطاً بالشبوك من جميع الجهات
أينما تُولّي وجهك تستقبلك الشبوك بعبارتها العنصرية أملاك خاصة يعلوها شعار نخلة العطاء وسيفي العدالة
تذهب في نزهة فتجد نفسك مضطراً للدوران في حلقة مشّبكة !
تسافر براً ، فتكون الشبوك هي المنظر الوحيد الذي يزيد طريقك مللاً ، وقلبك غبناً ، بل أنّ الشبوك باتت معلماً لتحديد المواقع على وزن قوقل شبك
يستطيع المسافر من خلالها تحديد النقطة التي وصل إليها للمتصل به عبر الهاتف الخلوي : أنا عند شبوك طويل الشبك فلان !
ما يزيد الألم ويبعث على الحسرة ، هو تلك الكيلومترات الطويلة التي شُـبّكت في لمح البصر ، لتقطع الطريق على المواطن المسكين فرصة العيش بكرامة في مساحة لا تتعدى إحدى بوابات طويل الشبك !
بينما أصحابها ينعمون بالعيش في قصور فخمة تكفي لإسكان حي كامل !
بأي قلب يعيش هؤلاء ، وبأي رئة يتنفسون الحياة ، وغيرهم من البشر يسكنون بيوت الصفيح ومتوسط الحال منهم يكتوي بنار الإيجار !
هل يظنون أنهم ورثوا الأرض واستعبدوا من عليها ؟
إنّ إحدى أسباب مشكلة الإسكان لديننا تتمثل في هذه الأراضي بكافة تصنيفاتها ، ومعالجة المشكلة تبدأ من هنا
والإعتراف بالمشكلة هو أول خطوات الحل ، ومسألة الصمت من الجهات المعنية لم يعد مقبولا ً في الوقت الراهن
فالواقع تغير ، والوضع الإقتصادي للمواطن لم يعد يحتمل أي زيادة في الأعباء
فالعمر يمضي


وحلم امتلاك قطعة أرض لم يُحققه للكثيرين إلاَ تلك الحـُـفر التي استقبلت جثامينهم !

الثلاثاء، 19 يوليو 2011

نأسف لهذا الخلل النفسي !


نتقدم بالعمر ويتراجع إحساسنا بالماضي ..
نكبر في السن وتصغر أمامنا ذكريات الزمن الفائت
بل ربما ننساه أو حتى نتناساه عن عمد
قِــلّة هم الأوفيــــاء ..
في زمن باتت تشوهه الماديات ونقسو عليه بمفردة مشاغل الحياة !
نمضي السنون الطوال في حاراتنا القديمة ، ومدارسنا المتواضعة ، وصداقاتنا المتعددة
نعيش لحظات اشتياق لما مضى في أوقات التجلّي
نبحث عن أصدقاء المــــاضي فلا نجد لهم أثراً
نمـُّر بذات المكان الذي ركضنا عبر دروبه بأقدام حافية ، وتسامرنا في أزقته بوجيهٍ باسمة
كم هو مـُؤلم أن نلامس تلك الجدران التي تسلقناها أطفالاً ، وكتبنا عليها ذكرياتنا البريئة ، نستنطقها الوفاء !
كم هو مـُبكي عندما نرى تلك الكتل الخرسانية التي استوطنت التراب الذي كنا نلهو به ، والأبواب التي كنا نصنعها من الطوب كي نركض بالكرة صوبها !
أين هي عربة بائع الأيسكريم ، أين هي بسطة بائع البليلة ، أين هو البائع المتجول صاحب العبارة الشهيرة
" فرِّقنـــا " ؟
أيُ حياة كنا نعيش ؟
البيوت لا توصد أبوابها
والقلوب لا نعرف أحقادها
أفراحنا للجميع ، والحزن يجمعنا
لمــاذا كبرنا ولم يكبر معنا الوفاء ؟
لماذا نسينا المكـــان ، وبتنا نلعن ذاك الزمــــان ؟
آآآه ما أقسى اللحظة التي نمـُّر بها من ذات المكــــان الذي عشنا فيه من الذكريات أجملها .. دون أن يعرفنا أحد !
آآآه ما أصعب اللحظة التي نـُشـــاهد فيها الأبواب التي دخلناها أطفالاً دون استئذان .. دون أن نجرؤ على طرقها !
آهــــاتٌ تزلزل أركــــاني كلما اتجهت بوصلة حنيني للماضي
فالمكــــان يجهلني ولم أتجاهله ، والزمان يـُنسيني ولم أنساه
والرفــــاق أبحث عنهم ولا أجدهم
ولئن وجدتهم ، لمست منهم العقوق !
يبعدون عني بنفس القدر الذي اقترب فيه منهم ، يلعنون الماضي بكل مافيه !
عذراً أيها الماضي
سأكتفى في قادم حنيني بزيارة قبور لطالما بكينا ونحن نحمل النعوش بداخلها !
فــالأموات هم الأحق بالزيارة ، في زمن تتنــّـكر لنا فيه جُـثث الأحياء .

الخميس، 14 يوليو 2011

صــراع المنابـــر !




عندما تمت موافقة الملك فهد رحمة الله على إنشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني في شهراغسطس من العام 2003 للميلاد
استبشرنا جميعاً بمستقبل لطالما انتظرناه ، مستقبل يسوده الحوار لا الشجار
مستقبل يسوده الاعتدال لا الابتذال
مستقبل يرينا الضوء في أخر النفق ، لا مستقبل يمُدّ ظلامه عبر الأفق
استبشرنا بكل ذلك ونحن نرى أول أهداف المركز كشمعة طالما انتظرنا من يشعلها
" تكريس الوحدة الوطنية في إطار العقيدة الإسلامية وتعميقها عن طريق الحوار الفكري الهادف "
وبعد مرور قرابة الثمانية أعوام من تأسيس المركز ، وبدلاً من أن نجني ثمار بذر غرسناه
إذا بنا نكتشف أنّنا نثرنا تلك البذور على أرضٍ جدباء ، لم نعطف عليها يوماً بقطرة ماء !
كيف لا ، وبدلاً من أن يتناقش الفُرقاء بهدوء وعقلانية واحترام الأخر والقبول به داخل أروقة المجلس وجلساته المتنقلة بجميع جهات الوطن ، بعيداً عن الإقصائية المقيتة..!
باتت صفحات الجرائد ، وخُطب المساجد ، وصفحات المنتديات ، ومحطات التلفزة
منبراً لفرد العضلات ، يتبادل فيه أصحاب الفكر المتنافر ، التُّهم والشتائم والقذف بل وحتى البصاق !
أين نحن من ثاني أهداف المركز بعد كل هذه الحوارات ؟
" الإسهام في صياغة الخطاب الإسلامي الصحيح المبني على الوسطية والاعتدال داخل المملكة وخارجها من خلال الحوار البناء "
أين هو الخطاب الإسلامي المعتدل عند من اعتلى منبر الجمعة لتصفية الحسابات
وقـذف الآخــــرين ونعتهم بالخيانة !
وأين هو تأدّب المعارضين في ردودهم المتشنّجة و المتعالية عبر أعمدة السُلطة الرابعة التي يسيطرون عليها ؟
بل ليت كل تلك المعارك الشعواء ظلت أسيرة لحدود الوطن عبر منابرنا ، وصحفنا التي لا يقرأها سوانا ، وكأنّ غسيلنا لا تكفيه أرضنا لنمُد له حبالاً طويلة خارج الحدود
وننشره عبر البرامج الحوارية للمحطات الأجنبية
وعبر بوابة الأنترنت بمنتدياته المتناحرة ، وصفحات التواصل الاجتماعي ومقاطع اليوتيوب التي ستبقى شاهداً على عُمق الخلاف بين أطياف مجتمع يبقى الحوار فيه مفهوماً نخبوياً ، أول الساقطين فيه من ظنّوا أنّهم من النــُخب !
يحدث كل ذلك في الوقت الذي يمارس فيه غيرنا حق التصويت وحق الانتخاب وحق إبداء الرأي في البرلمانات .!
ماذا جنى الوطن من كل تلك الخلافات ؟
أم هي لعبة تُدار من خلف الكواليس بنظام خروج المغلوب ؟
ومهما طال أمد هذه الحروب التي لم ولن يستسلم أحد أطرافها ، يبقى الوطن هو الخاسر الوحيد ، وتبقى وحدتنا الوطنية مهددة على الدوام .
تأملت بعدها ثالثة أهداف المركز
" معالجة القضايا الوطنية من اجتماعية وثقافية وسياسية واقتصادية وتربوية وغيرها وطرحها من خلال قنوات الحوار الفكري وآلياته "
ونظرت حولي لأجد جُلّ من حولي عاطلين ، وأيتام ليسوا ببعيدين عني لا يكفيهم معاشهم التقاعدي ، وتسعون بالمئة ممن تربطني بهم معرفة لا يمتلكون مسكناً ، وتلاميذ يدرسون في مبنى مدرسي لا يوجد في فنائه ما يحميهم من حرارة الشمس ، ومواد غذائية لا غنى عنها باتت تنافس الذهب في الصعود !
فماذا استفدت كمواطن من هذا الحوار ؟
ثم يأتي رابع أهداف المركز
" ترسيخ مفهوم الحوار وسلوكياته في المجتمع ليصبح أسلوبًا للحياة ومنهجاً للتعامل مع مختلف القضايا "
ليحضر معه السؤال البريء
أين هي مفاهيم الحوار وسلوكياته في مجتمع ظل عقوداً طويلة أسيراً لرأي أُحادي ، وصورة أُحادية ، وفتوى أُحادية ، ونشرة أخبار أُحادية ، وأصحاب نفوذ أُحاديين ؟
بعدها تكاثرت أهداف المركز ليأتي الهدف الخامس في أبهى صورة
" توسيع المشاركة لأفراد المجتمع وفئاته في الحوار الوطني وتعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني بما يحقق العدل والمساواة وحرية التعبير في إطار الشريعة الإسلامية "
وعند بحثي لأسما ء المشاركين في الحوارات السابقة ، وجدت أسماءً تكررت في أكثر من حوار - الشيخ حسن الصفار – على سبيل المثال ، بينما تم تجاهل أكثر الأسماء خوضاً لمعترك الخلاف الدائر ، أمثال : المشائخ يوسف الأحمد ، محمد العريفي ، سليمان الدويش !
وبدلاً من دعوتهم للحوار عبر منبر المركز ، يُجابهون بالحملات الصحفية
والاعتقالات !
ثم أين هي مؤسسات المجتمع المدني التي جاء ذكرها آنفاً ؟
وأين هي حرية التعبير ؟
بعدها يأتي الهدف السادس للمركز
" تفعيل الحوار الوطني بالتنسيق مع المؤسسات ذات العلاقة "
وهنا أتساءل ببراءة ، هل تم سؤال الطبيب في مستشفاه والمهندس في مصنعه والمعلم في مدرسته ، والطالب في جامعته ، والعاطل في مقهاه ، عن همومه وطموحاته وتطلعاته حول الحوار الوطني ؟
ومع هذا التساؤل سأتجاهل عن عمد الهدف السابع من أهداف المركز
" تعزيز قنوات الاتصال والحوار الفكري مع المؤسسات والأفراد في الخارج "
لأننا ببساطة تملأها السذاجة ، يجب أن نبدأ حوارنا من الداخل !
وحريٌ بي أن أختم بخاتمة أهداف مركز الحوار الوطني
" بلورة رؤى إستراتيجية للحوار الوطني وضمان تفعيل مخرجاته "
وبعد مرور كل هذه الأعوام من الحوارات التي صالت وجالت في جميع مناطق الوطن الحبيب
ما هي المخرجات التي لمستها كمواطن ؟
فوضعي الاقتصادي يزداد سوء ، والتعليم في انحدار ، والغلاء بات ناراً يأكل جميع مدخراتي ، وصروحنا الطبية تستفزني كمواطن بأجنحتها الخاصة لعلية القوم ، بينما أحتاج لواسطة في بحثي عن سرير !
و70% ممن يخدم وطني يتقاعدون ولا يضمن لهم النظام منزلاً يعيشون به مــا بقي لهم من عمر في كرامة !
أي حوار يريده المركز
والأيادي التي تكتب أجندته في الخفاء تـُدار !
والأقدام التي تخطو نحو طاولته تــُختار !
أي حوار يدفعنا للتفاؤل
وحــــرية التعبير
تبقى شعاراً قد يـُخفيك خلف القضبــــــان !