الأربعاء، 9 يوليو 2008

سنوات الضياع !


سنوات الضياع
.
.
عندما تُغتال المشاعر
و تُصادر الأحاسيس
عندما تختفي لغة الحوار
ويُلغى الحقّ بتقرير المصير
عندما تتخلى الأسرة عن دورها الحقيقي
ويتخلى المجتمع عن توجيه أبنائه !

حينها فقط
....

يظهر لدينا جيل انهزامي
جيل اتكالي
جيل لا مبالٍ
جيل يفتقد للتوازن
لا يُقدّر المواقف ولا يتحمّل المسؤولية
جيل بلا شخصية ثابتة الأركان
وبلا هوية واضحة المعالم
جيل يحسب عدد سنوات عمره بما ضاع منها !

ومن نماذج ذلك ...

** شاب يصل المرحلة الثانوية دونما أبسط معرفة بميوله الحقيقية ، ولا أدنى دراية بمتطلبات الوظيفة
واحتياجات سوق العمل !
ليتخرّج منها بلا هدف ولا طموح ولا توجّه حقيقي للمستقبل !
لتأتي بعدها مرحلة الحيرة و الضياع لنخسر معها آمال الوطن في شبابه !

** فتاة في عمر الزهور بل وأحياناً في سن الطفولة يتقدم لها شاب للاقتران بها ، تفاجأ قبل غيرها بالموافقة وتحديد موعد الزفاف !
والنتيجة أسرة مفككة وأطفال مشردين !

** طالبة مجتهدة تحمل عقلية نابغة تحلم بدراسة الطب تجابه بنظرة قاسية من مجتمع لا يرحم ليتبدّد الحلم !
وتجد نفسها مجبرة في نهاية المطاف للالتحاق بإحدى كليات التربية لتبدأ بعدها مرحلة البحث عن وظيفة ربما لا تأتي حتى في قرية على مشارف الربع الخالي !
والنتيجة مجتمع نصفه معطّل !

** طفل صغير يصرخ في وجه والديه
كي يشتري هاتف جوال
هو لا يُفرٍّق في حقيقة الأمر بين محل الجوالات ومحل العاب الأطفال
وفي النهاية يقتني جهاز أحدث موديل قد لا يحمله موظف على أعلى المراتب !

** شاب مراهق يقود السيارة بتهور لا يعرف أبسط أنظمة المرور ، تنتهي على يديه حياة إنسان
يترك خلفه أسرة كل همّها تسديد الديون من دية والدهم !

** فتاة تخدعها المسلسلات وتهيم بالأفلام ، قدوتها فنانة ساقطة تحاول تقليدها في الحركات والسكنات
لتقع في أسر ذئب لا يرحم فتفقد في لحظات طيشها أعز ما تملك !!

** شاب صغير تبدو عليه علامات الالتزام المحبّب للنفس ، يقع فريسة لأصحاب الفكر التكفيري
تأخذه الحماسة ليفجّر أي شيء لينتقم من كل شيء !

وفي اليوم التالي تظهر صورته عبر وسائل الإعلام "أشلاء متفّحمة" ، تحمل بين ثناياها الكمّ الكبير من العقوق لوالديه قبل العقوق للوطن الذي يحمل هويته !

الأربعاء، 2 يوليو 2008

صدى الذكـــريات



ذات مساء وتحت ضوء القمر
عصفت بي الذكريات وانتزعت من وجداني لهيب الشجن
أبحرت بخيالي نحو الماضي واستحضرت في ذهني كل الوجوه
تردّد على مسامعي ذلك الصدى الموغل في أعماق الزمن
جدّدت نسمات الليل الهادئة براكين آلامي الثائرة

أدرت رأسي في أرجاء المكان الذي طالما عشت فيه أجمل اللحظات ، تأملت ذلك الركن القصّي الذي تعوّدت الجلوس فيه دوماً ، حاولت لملمة ما بقي لي فيه من ذكريات ، وأطلقت لبصري العنان ليلتقط الصورة التي ربما تكون الأخيرة لكل تفاصيل المكان !

تأملت تلك النخلة الشامخة في عمق المكان ، اقتربت منها ، همست إليها ، تحسستها بيدي ، رأيت فيها وجه صاحبها المشرق ، رفعت بصري إلى أعلاها ، فتماثلت أمامي هامة صاحبها العالية ، استنشقت رائحة تربتها ، فاستعادت أنفاسي عطر صاحبها !

نفثت ما بداخل صدري من دخان ونفثت معه آهات موجعة تراكمت عبر سنين طوال
لازمت فيها نفس المكان وتزاملت فيها مع نفس الزمان !

آهات زلزلت كياني ..
آهات هزّت أركاني ..

حضرت معها علامات الاستفهام الغائبة
لتكبّلني بتساؤلاتها المتعدّدة ..

كيف لي أن أرحل ؟
هل بالفعل سأرحل ؟

ما أصعب الجواب عندما يكون السؤال قاسٍ !
وما أقسى الجواب عندما تكون الدموع الإجابة !